حيث التقينا
ها هنا كـان يناجينـا الغـرام
و يناجي المستهـام المستهـام
هـا هنـا رفّ بقلبينـا الصبـا
و تبنّانـا التصافـي و الوئـام
عقـد الحـبّ فؤادينـا كـمـا
يعقد الهدب إلى الهدب المنـام
فتلاقينـا بأحـضـان الصّـفـا
و الصّبا خمر و ثغر الحبّ جام
و تجاذبنـا أحاديـث الـهـوى
و سهرنـا و لياليـنـا نـيـام
و تمنّينـا الأغانـي و اللّـقـا
في شفاه الكأس لحـن و مـدام
و الصبابات الظوامـي حولنـا
تشرب اللّحـن فيهتـاج الأورام
ها هنا غنّى الهوى الطفل لنـا
و طواه ها هنـا عنّـا الفطـام
و انقضى صفو التلاقـي و ذوت
في صبا الحبّ أمانيه الجسـام
و انتهى العهد كأنّ لم يبتـديء
أو تلاقى البدء فيـه و الختـام
وانطفـا فجـر أمانينـا و لـم
ينطف الشوق و لم يخب الضرام
بدت اللّقيـا وولّـت هـا هنـا
فعلينا و علـى اللّقيـا السـلام
ضمّنا هـذا المقـام المشتهـي
ثمّ أقصاني و أقصـاك المقـام
فهنا يا أخـت ناغينـا الهـوى
و هنا ولّـى و غطّـاه القتـام
واختفى الأنس و ذكـراه علـى
مسرح العمر شعـاع و ظـلام
و من الحـبّ ابتهـاج و أسـى
و من الذكرى دموع و ابتسـام
كلّنـا يهـوى الهنـا لكنّـنـا
كلّما رمنا الهنا غـاب المـرام
ها أنا حيـث التقينـا و علـى
خاطري من صور الأمس ازدحام
أسأل الذكرى عن الحبّ و هـل
للهنا في شرعـة الحـبّ دوام
ها أنا في منزل اللّقيـا و فـي
جوّه من عهدنا الفانـي حطـام
أسأل الصمت على الجدران هل
للهوى عهـد لديـه أو ذمــام
و يكاد الصمـت يـروي حبّنـا
قصّة لو طاوع الصمت الكـلام