كان يشمل بتفكيره زوايا هذا العالم الصغير المليئ بالوان متعددة من مشاكل الناس الصغيرة بل و الساذجة احيانا كان يحلل بطريقته الخاصة كل ما تراه عيناه يبحث عن حقيقتها التائهة و يبذل قصارى جهده بحثا عن ما يشفي غليله و يؤكد له ان الحياة جميلة تستحق العيش فقد قضى ايامه تائها عن ما يسمونه لحظات السعادة النادرة او حتى عن ثواني معدودات من الصفاء و الراحة لكن جزءا صغيرا جدا من روحه المكسورة الجناح ظل يحتفظ بذلك البصيص من الامل في ان تبتسم له الحياة مجددا و تعود بهلول نسمات الربيع ابتسامته الراحلة
و هو يتامل غروب الشمس كعادته التي اصبحت جزءا من مواعده اليومية و كانه ادمن وداع الشمس و وداع يوم مر من حياته بدون اي طعم كسائر تلك الايام التي سابقت الزمن فمرت و كانها لم تمر لاحت اليه في الافق صور من الماضي الميت و ذكريات من سراب حياة سعيدة اسعدته و ابكته على انغام تعاقب الليل و النهار و ضياع العمر في العدم فانفتح جرح السنين فما كان للصبر ان يداويه و لا للنسيان ان ينهيه
اشعل سيجارته الاخيرة و كانت الشمس قد غابت و كست السماء حمرة كبقايا نار ملتهبة تلتهم بقايا السحاب الابيض كان يعشق هذا لوحات الطبيعة و احاسيسها المنقرضة من قلوب البشر وقف فجاة و قد ظهر جليا على محياه تامل في ما يحط به من اشجار و اناس و كانه يزور المكان لاول مرة و كانه عاد من سفر طويل طويل جدا بحيث لم يعد يتذكر كم من السنين قضت في غيابه تامل مطولا في تراسل موجات البحر الغاضبة فابتسم و كانت تلك اول و اخر مرة رايته يبتسم فيها فقد حمل حقيبته السوداء و رمى بسيجارته بعيدا و هرول مسرعا رافقته بعيني الى حين اختفى من امامي لكنه ظل شخصية مختباة في الظلام غائبة عن الوجود و غامضة كذلك السكون الذي يبعثه الليل عبر ضوء الاقمار