cool
cool
cool
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 

 عـلـى مـتـن الـطـائـرة1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر
avatar



عـلـى مـتـن الـطـائـرة1 Empty
مُساهمةموضوع: عـلـى مـتـن الـطـائـرة1   عـلـى مـتـن الـطـائـرة1 Emptyالسبت مايو 02, 2009 7:21 pm

...

طينة تتقلب فى قلب ماءٍ عفن و ليت هذا السور لم يكن حقيقيًا لولا لرميت نفسى و شاهدت ذاك الشريط الذى يتحدثون عنه ، ضفادع تصرخ و كأنها تتألم و القاهرة الساهرة نامت و أمست وحوش الليل تخرج من مضاجعها باحثًة عن الفرائس ! ، ما هذا الرعب الذى نعيش فيه ! و يحدثونك عن سحر القاهرة و ليتهم محقون فلن تجد هنا سوى الملل و السخط من الحياة .

فى هذا الخريف الممل أفاق هشام من نومه و هو محاسب فى شركة عالمية كبرى رغم سنه الصغير و هذا لم يمنعه أيضًا من العثور على حياة الترفِ و وجد نفسه بين أحضان المال و هو لايزال فى مقبل العمر حيث إستطاع والده أن يوفر له وظيفة تلائم مركزه الإجتماعى و ترضى كبرياءه .

كعادته أشعل أولى سجائره من شرفة تطل على أوراق شجرة ساقطة و ألوان مترامية على الأرض و وسط هذا البرد دقّ باب غرفته فألقى بالسيجارة مسرعًا و فتح أبيه الباب فقد كان يظنه لم يصحى بعد و يخشى عليه التأخر عن العمل .

على مائدة الفطور السريع و بينما كان الوالد المتقاعد يأكل بعذاب السنين بعدما إستغل منصبه فيما إستغل و جمع جزءًا من ثروته - و ربما ثروته كلها ! - من نفوذ عمله ، جلس هشام لا يأكل و لا يشعر برغبة حقيقية فى الطعام .

شعر الوالد بإن هناك ما يشغل خاطر إبنه و ظن بدايًة أنها مشكلة عمل فسأله بوجه مستغربًا :

- ما بك يا هشام ؟

- لا شئ .

- تعابير وجهك تخبرنى العكس .. أنا أعرفك !

- إنه فقط إحساس غريب يحثنى على عدم الذهاب للعمل خلال الأسبوع المقبل .

- ظننت أنها مشكلة عمل بالفعل ، واجهها ولا تتهرب .

- الأمر أننى مللت القاهرة و لم أملّ العمل ... أفكر حقًا بالسفر وحدى ، أحتاج أن أكون وحدى قليلاً .

...

ها قد أصبحت ريشة و حلمت أن أكون كذلك فستفرد تلك الآلة أجنحتها و أكون ريشة على متنها و سأخترق السحاب بكبرياء و أظل فى السماء لما يقارب الساعة و على أى حال فذلك أحنّ على قلبى من سماء القاهرة و أرضها .

صعدت على متن الطائرة و نظرت من خارج النافذة فلم أجد سوى بغضى لهذا الإسم الذى يلى كلمة ( مطار ) . فنظرت إلى المدينة بعدما حلقت بنا ذات الجناحين نظرة تعالى و كأن الطائر قد خرج من قفصه أو السجين قد فك اسره و ربما رحل جيشًا بإكمله عن بلد ما !

من كثرة تفكيرى قد نسيت هذا الذى بجانبى ، فعلى متن طائرة متجهة إلى الأقصر جلس بجانبى غريبًا تستشف من ملامحه و إيماءاته و بلاهة وجهه المستدير السمين أنه من أغبى من خلق الخالق و بدا لى مستعدًا لحديث طويل من طرف واحد و كنت متفقًا مع نفسى على ألا أجاريه فى هذا الحديث أبدًا .

ها قد بدأنا و رأيت شفاه الرجل تمتم بكلمات كرهت أن اسمعها فقال و هو ينظر بنصف وجه ..

- تبدو لى مرّتك الأولى فى ركوب الطائرة .

فرددت بعنف المدافع عن الحق و كأننى أسدد صفعة قوية للغباء العالمى

- بل إنها مرّتى العشرين أو أكثر ، و لكن لماذا سألت ؟

فرد الرجل و قد تغيرت ملامح وجهه الغبية و هو يرمقنى بنظرة بها بعضًا من الدهاء و بعضًا من السخرية

- القلق لا يفارق وجهك .

و ظل الصمت متولى حديثنا و الإندهاش لا يفارقنى فى مدى حماقتى و ظللت أحدث الرجل عن مشكلتى و لكنه لم يبدْ عليه أى إهتمام فكان يريد إما بكلمة صغيرة أو بإيماءة رأسه .

نزلت على أرض الأقصر و شعرت بلسعة من اللهب فذهبت إلى الفندق حيث إنتظرت برنامجًا ظهر و كأنه مسليًا فى شكله بينما كان مملاً و متعبًا فى مضمونه .

سافر الملل معى من القاهرة للأقصر و أبى أن يفارقنى فأخترق جسدى حتى جعلنى أكره النوم و أكره المشى و أكره الحياة ! فنظرت للطين مرة أخرى و قد لطخ الماء و تمنيت لو أنضم لهذا الطين .

...

و بينما إبتعدت قليلاً عن الناس فى اليوم الرابع و تركت البرنامج الممل و من فيه و ذهبت ليلاً لإستنشق بعضًا من هواء الأقصر النقى ظنًا منى أن الهواء سيأخذ معه الملل إلى حيث يريد أن يذهب .

و فى ليلة الظلام يشتد بها إذ بشبح يخرج و يظهر من الفراغ فتعمقت النظر فإذا بها شبحة و شائت الصدف أن تكون هذه الشبحة هى ( ثناء ) خطيبتى السابقة ! ، وقفت عندما رأتنى .. فى البداية بدا عليها إستغراب شخص غريب ينظر إليها بعمق .. ثم أيقنت أن هذا الشخص ليس بغريب فتبدلت نظرتها إلى نظرة مفاجأة غير متوقعة قائلًة :

- كيف حالك ؟

برغم كآبتى و مللى و حزنى رددت

- بإفضل حال ، و أنتى ما أخبارك و ما الجديد ؟

- لقد تزوجت مؤخرًا و أنجبت سارة .

وضعت وجهى فى الأرض لحظة ثم رفعته مبتسمًا إبتسامة زائفة

- ألف مبروك .

- أنا مضطرة للذهاب الآن .

- تفضلى ، مع السلامة .

و لم ترد عليى السلام بل تركتنى مرة أخرى حيث ذهبت مسرعة كالمرة الأولى ليبتلعها الظلام ! ، و رغم أن الحديث نزل على منزل أيام و شهور و لكنه فى حقيقيته لم يأخذ أكثر من دقيقة .

كالعادة ها هو جحيم الملل الأبدى يشتغل بلا رحمة أو تهاون ، و ها قد أتت ثناء لتكرهنى فى الحياة بطريقة معاملتها الرسمية لى و طريقة زواجها الدرامية بعد أن تركتنى بإقل من سنة ، و جلست فى الغرفة كعادتى أندب حظى و أتعجب لما آلت إليه الأمور و لقد كان فكر الإنتحار لا يفارق رأسى حقًا !!

و
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عـلـى مـتـن الـطـائـرة1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
cool :: منتدى التسلية :: منتدى الحكايات-
انتقل الى: