أما بعد :
كان مالك ابن دينار كما يذكر أهل السير شرطيا من شرط بني العباس
وكان يشرب الخمر وكان صادا نادا عن الله عز و جل
و يشاء الله عزل وجل أن يتزوج بإمرأة أحبها حبا عظيما
لكنه كان لا يترك الخمر يشربها في الصباح و في المساء
و يشاء الله عزل وجل أن يرزق بمولودة من هذه المرأة
فمكان منه إلا أن ملكت عليه لب هذه الطفلة
ملكت عليه لبه و ملكت عليه قلبه
فكان لا ينتهي من عمله حتى يأتي إليها ليداعبها و يمازحها
و كان يؤتى بالخمر فإذا رأته ليشرب الخمر ذهبت و كأنها تريد أن تعتنقه فأسقطت الخمر من يده
و كأنها تقول يا أبت اتق الله مالخمر لمسلم أبدا
هكذا حالها معه و في يوم من الأيام يأتي من عمله ويأتي ليداعبها و يلاعبها و يرميها
فتسقط من يده فيحزن حزنا عظيما و يجد عليها و جدا عظيما
فماكن منه تلك الليلة كما يخبر عن نفسه إلا أن شرب الخمر ثم شرب ثم شرب حتى الثمالة
قال ثم نمت في تلك الليلة و بي من الهم ما لا يعلمه إلا الله
قال فرأيت فيما يرى النائم كأن القيامة قد قامت
و كأن الناس قد خرجوا من قبورهم حفاة عراة غرلا بهما
يدوك الناس في عرصات القيامة و إذ بهذا الثعبان العظيم فاغرا فاه
يقصدني من بين هؤلاء الخلق جميعهم
و يأتي إلي يريد أن يبتلعني قال و أهرب منه و هو يطاردني
ثم أهرب منه ثم أهرب منه حتى كاد قلبي يخرج من بين أضلاعي
و إذ أنا بهذا الشيخ حسن السمت الرجل الوقور قال فتقدمت إليه فقلت بالله عليك أنقذني
قال لا أستطيع و لكن إذهب إلا من ينقذك قال فبقي يطاردني فما وقفت إلا على شفير جهنم
قال فبقي من ورائي و جهنم من أمامي
قال فقلت أرمي بنفسي في جهنم و إذ بهاتف يهتف و يقول
إرجع لست من أهلها قال فرجعت لأدوك في عرصات القيامة
و هو ورائي يطاردني و رجعت إلى ذاك الشيخ الوقور فقلت له أسألك بالله أنقذني أو دلني
قال فأما إنقاذك فلا و لكني أدلك على ذالك القصر لعل لك فيه وديعة
قال فانطلقت إلى القصر و الثعبان لا زال يطاردني
قال و إذ بهذا القصر من زبرجد و ياقوت مكلل باللؤلؤ و الجوهر
و إذ بالستر ينادى بفتحها فتفتح الستر عن أطفال مثل فلق القمر
و إذ بكل واحدة وواحد من ورائها ينظر إلى هذا المنظر المهول
و إذ بابنتي من بينهن تقول أبتاآآآآآآه
ثم ترمي بنفسها من القصر بينه و بين الثعبان قال ثم تقول للثعبان بيمناها هكذا فينصرف
ثم تضرب على لحيتي ثم تضرب على صدري ثم تقول أبتاآآآآآآه
" أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُواْ أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ وَ مَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ..."
قال فقلت بَلْ آنَ بَلْ آنْ ،
ما هذا الثعبان قالت ذاك عملك السيئ كاد يرديك في جهنم قال
و ما ذاك الشيخ الوقور قالت ذاك عملك الحسن ضعفته حتى ماستطاع أن يقاوم عملك السيئ
قال ثم تضرب صدري ثانيه و تقول أبتاآآآآآه
" أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُواْ أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ وَ مَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ..."
قال ففزعت من نومي و قمت و قلت بَلْ آنَ بَلْ آنْ
قال ثم توضأت ثم انطلقت إلى المسجد لأداء صلاة الفجر قال و إذ بالإمام يقرأ الفاتحة ثم يبدأ
" أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُواْ أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ وَ مَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ..."
فقلت و الله ما كأنه يعني إلا إياي...
منقول للأمانة
وسامحوني على الإطالة
و شكرا لكم
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته ...